.news-hero{position:relative;display:flex;gap:2rem;z-index:2}@media (max-width:768px){.news-hero{flex-direction:column}}.news-hero .single-news-hero{display:flex;flex-direction:column;gap:0.5rem;width:50%}@media (max-width:768px){.news-hero .single-news-hero{width:100%}}.news-hero .single-news-hero img{width:100%;height:20rem;object-fit:cover}.news-hero .single-news-hero span{font-size:0.8rem;color:var(--oxy-grey);font-weight:400}.news-hero .single-news-hero .post-title h3{font-size:1.5rem;font-weight:400}.news-hero .single-news-hero .post-title:hover h3{color:var(--oxy-red)}.news-hero .single-news-hero a{color:var(--oxy-red)}
عيد الحبل بلا دنس بالعذراء مريم
القدس
8 ديسمبر 2025
أيها الإخوة والأخوات، ليمنحكم الرب سلامه.
ماذا يقول لنا هذا العيد، عيد الحَبَل بلا دنس بالعذراء مريم، اليوم وفي هذا الزمن؟ أظن أن هذا العيد، وشخصية مريم التي حُبِلَ بها بلا دنس، يذكّرنا بحقيقة بسيطة وأساسية: أن ما يجب أن نخافه حقًا، وما يلوّث فعلًا قلب الإنسان، وبالتالي كرامته، هو الخطيئة. واليوم، ربما فقدنا الإحساس بالخطيئة.
أحيانًا يُستهان بشأنها أو تُقلَّل أهميتها. وبدأنا نخلط بين الخطيئة والشعور بالذنب. فهناك خطايا نرتكبها وتولّد فينا شعورًا بالذنب. وأحيانًا نقوم بأفعال ليست خطيئة لكنها تولّد فينا شعورًا بالذنب. وأحيانًا أخرى نرتكب خطايا لا تولّد فينا أي شعور بالذنب، لأن الرأي العام بات يعتبرها مقبولة.
وعندما نفقد نقطة المرجع التي نميّز بها ما هو خطيئة وما ليس بخطيئة، ولكي نربّي فينا وعي الخطيئة، نحتاج دائمًا وباستمرار إلى الرجوع إلى كلمة الله.
عند ترنيم الإنجيل قبل قليل، وعندما حمل الشمّاس كتاب الكلمة وجاء به باحتفال إلى المنبر، كنت أفكّر في هذا الأمر بالضبط: الليتورجيا تخبرنا بكل شيء. تخبرنا بما هو مهم حقًا لنا، وتخبرنا بالمعنى النهائي للحياة المسيحية. كل شيء موجود في الليتورجيا. وكنت أفكّر كيف نقوم بهذا الفعل الاحتفالي العميق، ثم ماذا نفعل بالكلمة التي سمعناها، والتي ننال يوميًا نعمة سماعها، هنا بالذات، في هذه الأرض، حيث صارت الكلمة جسدًا، وحيث تحقّقت الكلمة.
من دون المقارنة والتأمل بين هذه الكلمة وحياتي، سنبدأ نحن أيضًا بفقدان الإحساس بالخطيئة، ونبدأ بتبرير ما يبرّره العالم، دون أن نشعر بالذنب.
وقد لفت نظري أننا نحمل في حياتنا مخاوف كثيرة: العالم اليوم يخاف من التلوّث، من تغيّر المناخ، ونحن نخاف من المرض، من الحرب، من عودة حرب أخرى، أو من تصاعد التوترات القائمة. وربما أنتم أيها الطلاب تخافون من الامتحانات. لكن أتساءل: هل ما زلنا نخاف من أن نفقد القرب من الله؟
إن الخوف من الابتعاد عن الله هو الخسارة الحقيقية، لأنه يمسّ جذور حياتنا. وأظن أن أول رسالة كبيرة لهذا العيد هي هذه تحديدًا: ألا نعيش في اللامبالاة، وأن نربّي أنفسنا على العودة إلى الإحساس الحقيقي بالخطيئة، لا بخوف مَرَضي، ولا برؤية الخطيئة في كل مكان، ولا باختزالها في الوصية السادسة فقط، بل دون اللامبالاة تجاه حياتي الإنجيلية وما أعلنتُه من التزام.
فالكتاب المقدس واضح: «إن قلنا إننا بلا خطيئة نُضلّ أنفسنا»، كما يقول يوحنا في رسالته الأولى. والقديس بولس يذكّرنا بأن المسيح مات من أجل خطايانا. فإذا أزلنا الخطيئة من حياتنا، نُفرغ الفداء من مضمونه، ونحمل صليب ربنا يسوع المسيح عبثًا.
لكن هناك جانبًا ثانيًا في هذا العيد. فهو، من جهة، يعلن لنا خطورة الخطيئة، ومن جهة أخرى، يعطينا معيارًا لاختبار ما إذا كان ما نفعله خطيئة أم لا: عندما يخطئ الإنسان يشعر بالعري ويحتاج إلى أن يختبئ.
فلنجرّب أن نفكّر في أشياء كثيرة في حياتنا، حتى في حياتنا نحن الإخوة الأصاغر، أصبحت ممارسة عادية، وربما لا تتوافق مع القانون الذي نذرنا العيش وفقاً له. فلنسأل أنفسنا: هل أستطيع أن أفعل الشيء نفسه أمام إخوتي أو أمام الجماعة؟ هل أستطيع أن أعلنه علنًا؟ وليس المقصود هنا الوصية السادسة فقط، بل أشياء كثيرة نمارسها ولا نجرؤ على إعلانها، لأننا في العمق نعرف حقيقتها، لكننا لم نعد نشعر بالذنب.
ومع ذلك، هناك أيضًا إعلان رجاء. فهناك ذلك النداء الإلهي: «يا آدم، أين أنت؟». هناك إله لا يستسلم أبدًا لضعفنا، ولا يرضى ببؤسنا، بل يستمر في محبتنا. هذا هو الإنجيل حقًا، البشارة السارة لحياتنا: أنه رغم كل شيء، ورغم محدوديتي وميلِي المستمر إلى الخطيئة، هناك نعمة أقوى، وهناك رغبة من الله نحوي أقوى، لا تستسلم أبدًا، وتقرع باب قلبي باستمرار قائلة: «يا فرانشيسكو، أين أنت؟». وأنا أقول: «أنا خائف منك يا الله»، فيجيبني: «لا تخف، فأنا أريد أن أعانقك من جديد». هذا ما تقوله لنا العذراء يوم احتفالنا بالحبل بلا دنس: إنه عيد الرجاء.
إنه عيد يملأ قلوبنا فرحًا، لأن هناك فرصة لكل واحد منا. النعمة أقوى من الشر، والقداسة ممكنة. والله لا يملّ من السعي وراءنا.
ويذكّرنا المجمع الفاتيكاني الثاني في الدستور «نور الأمم» بأن مريم، التي بلغت الكمال، تسير أمامنا كنموذج لامع. نحن ننظر اليوم إلى مريم، شفيعة رهبنتنا، كنموذج مضيء. نريد أن نكون مثلها، ونريد أن نحيا الحياة المسيحية كما عاشتها هي.
وتقول وثيقة «نور الأمم» أيضًا إن المؤمنين ما زالوا يسيرون في الكفاح اليومي لينموا في القداسة ويتغلّبوا على الخطيئة. حياتنا هي كفاح يومي، لكن أمامنا نموذج يمنحنا الرجاء.
إن النظر إلى الحَبَل بلا دنس هو إعادة اكتشاف الأفق الحقيقي للحياة المسيحية. فلا نرضَ بالرداءة، ولا نعتد على الخطيئة، وفوق كل شيء، لا نفقد الرغبة في أن نصير قديسين.
مريم، الممتلئة نعمة، كما ذكّرنا بها إعلان الملاك، تذكّرنا أن جمال الإنسان لا يُقاس بالنجاح، بل بشفافية القلب. ولا تُقاس حياتنا وقيمتنا بما نملكه من شهرة أو سلطة، بل بالطهارة. ولا يُقاس جمالنا بما نملكه من أشياء، بل بالحرّية الداخلية العميقة.
فلنسأل الله اليوم، ونحن نتأمل بمريم الخالية من الدنس، شفيعة رهبنتنا، أن يمنحنا قلبًا نقيًا، قادرًا على التمييز بين الخير والشر، وقبل كل شيء، قلبًا يسمح لنعمة الله ورحمته أن تداويه وتحوّله، فلا نخاف من الله، بل نركض دومًا إليه في سرّ الاعتراف، حيث يوجد دائمًا إله بذراعين مفتوحتين، ينتظر أن يعانقنا من جديد.
المجد ليسوع المسيح.
