رسالة عيد الفصح 2024 – ما وراء ظلام الموت

رسالة عيد الفصح 2024 – ما وراء ظلام الموت

أيها الإخوة والأخوات الأعزاء،


لقد مر كل واحد منا بخبرة مؤلمة لفقدان إنسان عزيز: أحد الوالدين، أو الأخ، أو الزوج، أو الابن، أو الصديق. إنها لحظة معاناة وظلام ويأس عاشها كل واحد منا، ولا يمكن قياسها. تتساقط الدموع دون حسيب ولا رقيب، ويقطع النحيب الكلمات في حناجرنا. ك

لما كانت الخسارة مأساوية (حادث، مرض طويل ومؤلم، الموت المفاجئ) أصبح من الصعب علينا قبول خبرة الخسارة التي لا رجعة فيها والتي نسميها الموت.


لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: "لماذا؟". ليس السؤال الفلسفي عن المعنى النهائي لما حدث، بل السؤال المرتبط بالشخص الذي مات، معنى وأهمية ذلك الشخص بالنسبة لنا: "لماذا مات هو بالذات؟" وهو ما يعني في نفس الوقت: "لماذا فقدته أنا بالذات؟".

لكن لم يختبر أحد منا ما يعنيه الانزلاق بشكل لا رجعة فيه في سر الموت، أن نشعر بأن الحياة تتخلى عنا وأن نشعر بأننا متروكين من الحياة، أن نشعر بالبرد والظلام يمتلكان تدريجياً على أجسادنا وعقولنا ونلفظ أنفاسنا الأخيرة.، الغرق في الموت مع الخوف من أننا على وشك الغرق في العدم.


يخبرنا عيد الفصح عن قيامة يسوع ويذكرنا أنها ليست عودة من مملكة الأموات، وليست اكتشافًا مفاجئًا للنفس من جديد كما بعد غيبوبة أو موت ظاهري، ولكنها تجاوز، إنها – على وجه التحديد – ممر نحو شكل من أشكال الحياة الجديدة والكاملة التي لا يمكننا حتى أن نتخيلها.
إن عدم قدرة مريم المجدلية على التعرف على يسوع القائم ثم دهشتها الكاشفة عندما سمعت اسمها يُنادى به، وأخيرًا رغبتها غير الواقعية في الامساك به، هذا هو رد الفعل الذي يسببه اللقاء مع القائم من بين الأموات فينا نحن البشر المساكين.


إنها نفس الخبرة التي مر بها تلميذا عمواس في طريقهما. أو في الواقع، فإن اللقاء مع يسوع القائم ليس هو اللقاء بذاك الذي مات وأحي من جديد ، بل هو اللقاء مع الذي يحيا الآن في الله؛ إنه اللقاء مع يسوع الذي تغير جسده، أي إنسانيته، بالكامل بقوة الروح القدس؛ إنه اللقاء مع يسوع الذي يُظهر لنا في ذاته ما سنكون عليه عندما نعيش معه، في شكله الفصحي المجيد، خبرة الموت، التي تُفهم الآن بكونها عبورا للموت وما بعده.


القبر الفارغ الذي أتحدث إليكم منه ليس موقع تصوير فيلم يحكي قصة اخترعها رجال يحتاجون إلى ايهام أنفسهم بأن الموت ليس نهاية كل شيء. القبر الفارغ الذي أتحدث إليكم منه هو من عمل الله الذي هو أب للجميع وأحب كل واحد منا كثيرًا لدرجة أنه أرسل ابنه ليشاركنا حياتنا، حتى النهاية، بما في ذلك خبرة الموت نفسه؛ للتأكد من أن هذا الابن يمكن أن يأخذ بيدنا ويقودنا خلال الموت لنكون قادرين على العيش في الله، لنكون قادرين على العيش بشكل كامل، لنكون قادرين على العيش إلى الأبد، لنكون قادرين على العيش بطريقة جديدة، كما قمنا معه.


ولهذا السبب ينبعث الرجاء من هذا القبر الفارغ؛ الرجاء القادر على إنارة حتى أسوأ خبرات الحياة والموت التي قد نجد أنفسنا غارقين فيها اليوم.


لهذا السبب، من هذا القبر الفارغ أستطيع أن أقول لكم دون خوف من أن يكون ذلك وهمًا: عيد فصح سعيد، لأن الرب يسوع قام حقًا. فصح سعيد، فلنقم معه أيضًا! هللويا!


عيد فصح سعيد!


فصح مجيد


الأب فرانشيسكو باتون الفرنسيسكاني