زهرة صغيرة شرقية إلى القداسة | Custodia Terrae Sanctae

زهرة صغيرة شرقية إلى القداسة

2012/08/27


ترأس سيادة المطران مارون لحام، النائب البطريركي اللاتيني فيالأردن، القداس الإلهي مساء الأحد 26 آب، بمناسبة عيد الطوباوية الكرملية مريم ليسوع المصلوب. وشارك في هذا القداس المطران كمال بطحيش والمطران جوزيف زريعي، والعديد من الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنون من بيت لحم وضواحيها والناصرة وحيفاومجموعة من الحجاج، في كنيسة دير الكرمل في بيت لحم.

إنها الراهبة الكرمليّة المشرقية العربية الأولى التي رفعتها الكنيسةإلى مصافّ الطوباويين: مريم بواردي، واسمها في الرهبانيّة: مريم ليسوع المصلوب.

"اختارت كل ما هو صغير، كي يكبر الله فيها، عاشت التواضع في كل شيء، حافظت على كل ما تبقى في قلبها من براءة، كي تعيش دعوة الإنجيل". هذا ما نوّه إليه المطران مارون في عظته.

وأضاف: "إنها واحدة من بنات القديسة تريزا الأفيلية، مجدّدة الرهبانيّة الكرمليّة، وقد سارت على مثال أمّها على دروب القداسة والفضيلة، والتأمّل والصلاة، وحفظ المشورات الإنجيلية، وتقديس الذات، إلى أن توفّيت برائحة القداسة عام 1878 وقد أعلنها قداسة البابا يوحنا بولس الثاني طوباوية في 13-11-1983، وهي اليوم في طريقها إلى تاج القداسة.

تنحدر جذور مريم من أصل سوري – لبناني ، ولدت في قرية عبلين الجليلية، دخلت في العشرين من عمرها دير راهبات القديس يوسف الظهور، في مرسيليا. وكانت على استعداد للعمل في المطبخ، وقضاء أوقات راحتها في الصلاة، كما أدركت الراهبات. إنها تعيش في دنيا غير دنياها، وكثيرًا ما كانت تُخطف بالروح وترى رؤىً، ممّا جعلهنيعتقدن أنّ مكان هذه الاخت الراهبة وما تتمتع به من حالات خارقة، ليس في هذا الدير بل في أحد الأديرة النسكية التأمليّة. وطلبت أن تُنقل إلى دير الكرمل في مدينة "بو" Pau الفرنسية. ومن ثم أُرسلت إلى الهند لإنشاء دير هناك مع أخواتها الراهبات بطلب من النائبالرسولي، وواجهت الراهبات في طريقهن صعوبات جمة وتوفيت راهبتان في الطريق إلى منغالور في الهند. ولكن مريم كانت أول راهبة تنذر نذور الرهبانية ومن ثم ارتبطت بالنذور الدائمة للطاعة والعفة والفقر عام 1871 ، وعُينت رئيسة للدير.

في هذه الأجواء الصعبة، تملّك مريم حنين قويّ يحثّها على الرحيل عن منغالور، والعودة إلى دير بو في فرنسا، ذلك لأن مشروعا عظيما بدأ يختمر في ذهنها ويهزّ جوارحها طربا: ألا وهو تأسيس دير للكرمليّات الحبيسات في فلسطين، في بيت لحم بالذات.
وصلت الراهبات عام 1875 إلى بيت لحم، وفي غضون 8 أشهر أنجزن بناء الدير، بمساعدة محسنة فرنسية عزمت على تبني المشروع، وما أن سكنت الراهبات في الدير حتى بدأت مريم تفكر وتعمل على إنشاء دير آخر في مدينة الناصرة.
ازدادت الظواهر الخارقة يومًا بعد يوم، في حياة مريم ليسوع المصلوب. وفي سنة 1876 أخذت سمات صلب يسوع الخمس تنزف بقوّة حتى أنها شعرت بدنوّ أجلها، لفرط الآلام المبرّحة، ولكن سبب وفاتها المباشر كان نتيجة سقوطها عن السلّم حين كانت تساعد العمال فتسببت بكسر في ذراعها الأيسر مما أدى إلى إصابتهابالغرغرينا، ورفضت تلقي العلاج وهذا أدى إلى تسمم جسمها وماتت وهي تقول: "إن يسوع إذا شاء سيشفيني وإلا لتكن مشيئته بوفاتي". وأسلمت الروح بين يديّ يسوع ومريم في 26 آب من سنة 1878 وكان عمرها 33 سنة.
يعيش في الدير 17 راهبة من مختلف الجنسيات، في حياة تقشف وتأمل وصلاة من أجل حاجات الإنسان، والسلام والطمأنينة في أرجاء العالم.
الطوباوية مريم، نجمة ساطعة في سماء الشرق، تلك الكرمليّة الحبيسة الصوفيّة الأولى التي أنبتتها الأرض التي عاشت عليها العائلة المقدّسة: عائلة يسوع ومريم ومار يوسف، والتي انطلقت منهاالرسالة والبشرى المسيحية وأفواج القديسين والقديسات. لهذا تفتخر بها الكنيسة المشرقية. ونحن نطلب شفاعتها من أجل سلام هذه الأرض المقدسة.
وبعد البركة الختامية توجه المؤمنون لتقبيل ذخائر الطوباوبة، على صوت ترنيمة، تم تأليفها خصيصًا بغرض تعريف عطر هذه القديسةالى الناس، من فريق عمل من الناصرة.
ومن ثم توجه الجميع لتقديم التهاني إلى الراهبات الحبيسات، فهو عيد كبير لسكان بيت لحم ومثال قداسة للأرض المقدسة ولكل متعطش إلى خوض طريق كل ما هو صغير لكي يكبر الرب في حياته.