عيد الميلاد 2010: رسالة حارس الأراضي المقدسة | Custodia Terrae Sanctae

عيد الميلاد 2010: رسالة حارس الأراضي المقدسة

سلام وخير: تعيننا تحية القديس فرنسيس على التمتع بجدة الميلاد الدائمة، إذ ترافقنا في السير نحو الحقيقة، وتحفظنا بعيدين عن كل ما من شأنه أن ينتقص ويشوه ما لهذا العيد من معنى. فلنعمل على أن لا نجعل من الميلاد حدثا يمر مرور الكرام، احتفلت البشرية حتى يومنا هذا بالميلاد بعدد من المرات لا يحصى، ورغم ذلك فإنه لا يكف عن أن يكون حدثا جديدا باستمرار.   لا يمكن للميلاد أن يتركنا دون ارتباك: يبدو أنه عيد قد فقد أسمى ما فيه من معنى حقيقي وحميم، وأنه يحملنا على أن نتسائل حول موقفنا من هذا الطفل، وأن نرى الله في طفل، وأن نؤمن بإله قد اختار أن يحد عظمته غير المتناهية في صغر انسانيتنا. لا يقتصر الميلاد على يسوع المولود في بيت لحم فقط منذ ألفي عام. بل الميلاد هو يسوع نفسه، إبن الله الأزلي الذي - في هذه السنة من جديد، وكما يفعل كل يوم منذ الزمان القديم، للرجال والنساء في زمانه كما ولكل واحد منا اليوم- ينتظرنا كي نعد له مقاما، ينتظر أن يولد في قلوبنا. فالميلاد هو مسيرة توبة، وهو قبول الاستجابة لإنتظار الله لنا. وكوننا مدعوون بالايمان كي ننتظره في المجد، فإن من شأن الميلاد أن يركز إهتمامنا في الله: إنتظاره غير المحدود للبشرية كي يجد لنفسه مقاما في خضم التاريخ اليومي، في الحياة اليومية، في التضامن الطبيعي الذي دعانا يسوع نفسه الى ممارسته، مؤكدا لنا ذلك حين قال: وها أنا معكم كل يوم حتى إنتهاء العالم؛ مخبرا إيانا أين يمكن أن نجد عينيه ويديه، وأين نسير معاً ومن أين ننظر الى الأفق التي منها سيأتي من جديد: الفقراء عندكم دائماً… فلنعمل على أن لا يمر الميلاد مرور الكرام. ترشدنا كلمة الله وتعيننا كي لا نفقد الرجاء، الى أن يأتي رب المجد.   يحررنا الطفل يسوع من خوفنا من أن نكون في خضم تدفق التاريخ، وهو يحررنا أيضا من الوحدة التي يشعر بها الذين لا يعرفون كيفية العطاء للآخرين. وهو يدخلنا في حركة منسجمة، نكتشف من خلالها ان المحبة تحتضننا وتحملنا وأننا قادرون، بالنعمة، أن نحمل بدورنا هذا الجزء من التاريخ الذي يضعه الله في أيدينا.

يجب أن يكون الميلاد، لكل واحد منا، توبة وتجديدا لنظرنا، مدركين بأن الملكوت قريب بل هو حاضر؛ وأنني أنا، بل نحن جميعاً، ومعاً، نستطيع أن نجعله حاضراً. من هنا تظهر الحاجة للنظر الى الخليقة، للنظر الى العالم، للنظر الى الشرق الأوسط والى هذه الأرض المقدسة التي هي "أرضنا" –أرض الله وأرض البشر- "من الأعلى"، ومن خلال عيني الله. علينا أن نتبنى بكل رعدة وجرئة، وتواضع وقوة -مع الشجاعة والخيال الذين يوحي بهما لنا الحلم الذي بامكانه أن يتحقق لو أن الكثيرين منا يعرفون كيف يحلمون- كلمات قداسة البابا بندكتوس السادس عشر التي ألقاها في كلمته الافتتاحية لسينودس أساقفة الشرق الأوسط: "إنّ النظر إلى تلك البُقعة من العالم من منظور الله يعني أن نرى فيها "مهد" مشروعٍ شاملٍ للخلاص في الحب، سرّ شركةٍ يتحقق في الحرّيّة ولذلك يتطلب تجاوبًا من البشر." تقع على كل إنسان مسؤولية قبول العرض الذي يقدمه "ذاك" الذي يحيينا ويجدد فينا العطش الى السعادة كل يوم.

فلنعمل على أن لا يمر الميلاد مرور الكرام. لنجب على إنتظار الله، الذي صار طفلا كي نستطيع نحن بدورنا أن نسير إليه وكأنه هو من يحتاج إلينا. لأن قلب إنتظارنا هو علمنا بأن الله كان ينتظرنا بصبر ولزمن طويل. ومتى رُحِّبَ بنا بانتظاره، وتجددنا بغفرانه ونعمته، وأصبحنا رجال رحمة ومصالحة، حرية وعدل، عندها ولا شك نصبح قادرين على الإصغاء –وسط واقعنا المشوش- الى بشارة الملائكة: المجد لله في العلى، وعلى الأرض السلام، للناس الذين بهم المسرّة.

نتمنى لكم عيد ميلاد سعيد.