عيد اكتشاف الصليب المقدس: "كي يُشِعَّ نور القيامة" | Custodia Terrae Sanctae

عيد اكتشاف الصليب المقدس: "كي يُشِعَّ نور القيامة"

احتفلت الكنيسة في القدس، يومي الثلاثاء والأربعاء الماضي، 6 و7 أيار 2014، بعيد اكتشاف الصليب المقدس وذلك في كنيسة القيامة. وقد توجه لذلك حارس الأراضي المقدسة وبرفقته مجموعة كبيرة من الرهبان الفرنسيسكان والمؤمنين العلمانيين إلى مصلى القديسة هيلانة حيث تم اكتشاف صليب المسيح الحقيقي في القرن الرابع.

وبحسب الشهادات التاريخية، فإن القديسة هيلانة، والدة الإمبراطور قسطنطين الأول، كانت قد أمرت بالبحث عن صليب المسيح أثناء حجها إلى الأرض المقدسة عام 326. وهذا الحدث هو ما تحتفل به كنيسة القدس في هذا اليوم.

وعندما تم العثور على صليب المسيح، أمر الإمبراطور قسطنطين بالإحتفال سنوياً بما يعرف بعيد ارتفاع الصليب المقدس، والذي لا زالت الكنيسة تحتفل به اليوم سنوياً في 14 أيلول. من ناحيتها، استمرت الكنيسة في الغرب بالإحتفال بعيد ارتفاع الصليب حتى طغى على الإحتفال بعيد اكتشاف الصليب. إلا أن هذا الأخير لم يختفي من الأرض المقدسة. ويوضح لنا الأب استيفان قائلاً: "حتى في أثناء الحقبة العثمانية، عندما كانت أبواب كنيسة القيامة مغلقة، فإنها، ومنذ القرن الخامس عشر، كانت تُفتح خصيصاً يوم الإحتفال بهذا العيد". واحياءاً لذكرى هذا التقليد، فُتِحت أبواب كنيسة القيامة يوم الثلاثاء بصورة احتفالية لاستقبال موكب الرهبان الفرنسيسكان.

ويحاول الكثير من الحجاج التعرف على تاريخ هذه الذخيرة، فقد سبق لهم وأن سمعوا بوجود جزء منها أيضاً في هذا المكان أو ذاك من العالم. وفي عظته التي ألقاها خلال القداس الإحتفالي الذي أقيم يوم الأربعاء، حاول حارس الأراضي المقدسة أن يركز على معنى هذا البحث الذي يظهره الحجاج، داعياً إياهم إلى النظر والتأمل في ثبات ايمان القديسة هيلانة واصرارها. ثم أردف قائلاً: "يحاول هذا العيد أن يُفهمنا بأن البحث في سرّ الله والعثور عليه، هي عمليّة مستمرة ومتجددة. وإن التلميذ الحقيقي للمسيح، هو من يقبل الدخول في هذه الديناميكية، أي ديناميكية البحث والإكتشاف والفقد. فقد الذات ومن ثم البدء من جديد".

ثم أضاف قائلاً: "وتستخدم كلمة "بحثَ" أو "طَلَبَ" مراراً وتكراراً في الكتاب المقدس، وهي تضعنا أمام حركتين: الحركة الأولى تبدأ من الإنسان الذي ينطلق باحثاً عن الله، أمّا الحركة الثانية فهي تبدأ من الله الذي يبحث عن الإنسان. وبالمناسبة، فلو أن الله لم يخرج للبحث عن الإنسان صارخاً : "أين أنت؟"، لبقي الإنسان حتى اليوم مختبئاً في جنة عدن. وهكذا فإن الإنسان المسيحي هو من يقبل كون سرّ الله يتعدّاه، ويتعدّى معاييره ومفاهيمه ومحدوديته وحدوده.

ثم تطرق الأب الحارس في القسم الثاني من عظته إلى المعنى الذي يحمله البحث عن الصليب، وخاصة في يومنا هذا. فحذَّر المؤمنين من اختزال الروحانية المسيحية في حياة قوامها الذبيحة أو التضحية. "فإن احتفالنا دامعين يوم الجمعة العظيمة بصلب المسيح يفقِد معناه متى غاب عن أعيننا مشهد القيام. وقد سمعنا الرهبان يرنمون باستمرار في اللغة اللاتينية ما معناه أن (المسيح قد): "تألم على الصليب، وحطّم الجحيم لذلك فقد تسربل بالقوة".

واختتم الأب الحارس عظته داعياً المؤمنين من جديد إلى تسليم أنفسهم بين يدي الله الذي يبحث عنهم ويجذبهم إليه، لأن "الصليب يمنحنا أن ننظر إلى الحياة نظرة جديدة، وهو يدعونا لكي نجعل من حدث القيامة مركز تاريخنا الشخصي وتاريخ الكون كلّه".

E.R