يا من تعمدت في نهر الأردن عمدنا في الروح القدس والنار | Custodia Terrae Sanctae

يا من تعمدت في نهر الأردن عمدنا في الروح القدس والنار

المغطس، 13 يناير 2013
شهدت منطقة المغطس في نهر الأردن، إلى الشمال من البحر الميت، احتفالات خاصة بمناسة هذا العيد. وكان ذلك يوم الأحد صباحا، بوصول حافلات من كل مناطق ومدن الأرض المقدسة، للحج إلى الموضع الذي تعمد فيه الرب يسوع على يد يوحنا المعمدان، كما جاء في الأناجيل المقدسة.
انطلق الموكب الذي ضم مئات المؤمنين والحجاج، للمشاركة في القداس الإلهي لهذه الذكرى، من كنيسة الروم الأرثوذكس إلى ضفة النهر، والذي ارتفع منسوب مياهه حوالي متر ونصف في الآونة الأخيرة إثر هطل الأمطار الغزيرة.
وترأس الذبيحة الإلهية الأب بيير باتيستا بيبتساباللا حارس الأراضي المقدسة، وإلى جانبه العديد من الرهبان والكهنة وبحضور قناصل من الدول الأوروبية، وبعد الصلاة على ضفة النهر ورتبة تبريك الماء قبيل بدء القداس، بارك الحارس الشعب بالماء المقدس.
وركز الأب فراس حجازين، كاهن رعية اللاتين في القدس، في عظته، على أهمية التعمق بمفهوم المعمودية خاصة ونحن نحتفل في سنة الإيمان. ومن هذا المكان المقدس، حيث أراد المسيح له المجد، أن يغطّس البشرية بالمعمودية فيصبح الكل واحدا، هكذا نحن، علينا أن نغطس في محبة الآب، ونشهد للعالم عن عمق هذه المعمودية.
وتخللت القداس رتبة تجديد مواعيد المعمودية وهي الكفر بالشيطان وأعماله، وتجديد الإيمان بتعاليم السيد المسيح وقانون الإيمان. ومنح حارس الأراضي المقدسة، سر العماد، لأربعة أطفال من رعايا مختلفة، في يوم نحيي فيه ذكرى عماد الرب يسوع الذي قدس مياه الأردن وظهور الثالوث، الآب على شكل صوت من السماء يقول "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت فله اسمعوا" والروح القدس بهيئة حمامة، والابن الذي يتعمد في مياه الأردن.
بعد اختتام القداس، تابع العديد من المشاركين بمرافقة الرهبان الفرنسيسكان، رحلة الحج، بزيارة إلى جبل القرنطل، وهو دير للروم الأرثوذكس، وقد أقيم على جبل الأربعين وهو جبل التجربة، وهي ذكرى الأربعين يوماً التي قضاها يسوع في الصحراء بعد المعمودية، والتجارب التي واجهها مع الشيطان بعد الصوم في البرية، وقبل اعتلانه على الملأ والتبشير وصنع العجائب والآيات (متى 1:4-11). وعند وصول الزوار إلى أعلى التلة، استمع الجميع إلى إنجيل تجربة يسوع في البرية، ثم دخلوا الدير بعد أن رحب بهم الرهبان هناك. ويعيش هؤلاء الرهبان في هذا الدير المنعزل، ويتعبدون ويمضون معظم أوقاتهم في الصلاة والتأمل وسط الطبيعية الصحراوية الخلابة. وهم يتذكرون صوم السيد المسيح، واحتمال المشقات، وإماتة الجسد، والسمو بالروح نحو العلا.
وقد بنى الرهبان الأرثوذكس هذا الدير الجميل المحفور في الصخر في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، في الجبال الواقعة خلف تل السلطان والمشرفة على المنطقة الشمالية الغربية من سهل أريحا، وكانت قد ظهرت هناك كهوف عاش فيها النساك في الصحراء منذ القرن الخامس الميلادي.  لمقدسة تمكنت للمرة الثانية منذ 44 سنة، من تنظيم رحلة الحج هذه والتي أصبحت تقليدا للكنيسة الكاثوليكية في الأرض المقدسة إلى موقع العماد، في يوم عماد الرب بحسب التقويم الليتورجي للكنيسة الغربية. وذلك بعد أن أعيد فتح منطقة المغطس الواقعة على ضفاف نهر الأردن قبالة أريحا، في الصيف 2011. مع العلم أن الحراسة كانت تقوم بهذا الحج في يوم الخميس الأخير من أكتوبر. ولكن السلطات العسكرية الإسرائيلية أغلقت هذا المكان وأعلنته منطقة عسكرية وزرعت فيه حقول الألغام ،منذ حرب الأيام الستة أو حرب حزيران 1967. لذا لم يتمكن الحجاج من الوصول إليه إلا بتصريح خاص من السلطات العسكرية الإسرائيلية وبتواريخ محددة.
ويعتبر يوم العماد هو يوم تأسيس سر المعمودية الذي به تصبح البشرية خليقة جديدة، بعد أن فسدت الخليقة الأولى بالخطيئة الأصلية. وكما كانت الخليقة الأولى هي عمل الثالوث القدوس، وهكذا تظهر الخليقة الثانية من عمل الثالوث القدوس، فالآب يريد خلاص البشرية، والابن يغطس في الماء إعلاناً لقبوله الموت عن البشر، ثم يخرج من الماء إعلاناً لقهر الموت، وقام وأقامنا معه، والروح القدس يحل على جسد المسيح. وجسد المسيح هو كنيسته. الروح القدس الذي يجعلنا في المسيح خليقة جديدة، وهذه الخليقة الجديدة التي يفرح بها الآب، في قوله "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت فله اسمعوا".

تقرير: الهام مرشي
تصوير: نديم عصفور