من إعتناقه للكثلكة إلى تعيينه قاضياً في الروتا الرومانية: مسيرة الأب "ديفيد ييغر"، الفرنسيسكاني المنتمي لحراسة الأراضي المقدسة | Custodia Terrae Sanctae

من إعتناقه للكثلكة إلى تعيينه قاضياً في الروتا الرومانية: مسيرة الأب "ديفيد ييغر"، الفرنسيسكاني المنتمي لحراسة الأراضي المقدسة

عين قداسة البابا بندكتوس السادس عشر مؤخراً الأب "ديفيد ماريا ييغر" الفرنسيسكاني، قاضياً (Prelate Auditor، تترجم حرفياً: حبر مُستنطِق) في محكمة الروتا الرومانية، وهي أعلى محكمة إستئنافية في الفاتيكان. ينتمي الأب "ييغر" لحراسة الأراضي المقدسة منذ عام 1980، وقد سيم كاهناً عام 1986. تقلد منصبه الجديد يوم الجمعة، 3 حزيران 2011، إلا أن مكتب الصحافة التابع للكرسي الرسولي، كان قد أعلن عن تعيينه هذا منذ شهر أيار المنصرم.

يمثل هذا التعيين إعترافاً مهماً بشخصية تتمتع بمكانة فكرية رفيعة المستوى، إضافة الى كونها شاهدة على مسيرة إيمانية مميزة وزخمة.

ولد "ديفيد ييغر" في تل أبيب عام 1955، لعائلة تنتمي الى البرجوازية اليهودية، وقد نال تعليمه الإبتدائي في مدارس المدينة، الدينية الصهيونية. خلال سن الشباب، نضجت لدى "ديفيد" فكرة إعتناق الكثلكة ومن ثم دعوته الى الحياة الرهبانية. تقلد، لعدة سنوات، مراكز هامة في الأرض المقدسة، من بينها إدارة برنامج التدريس عن المسيحية لدى المعهد المسكوني للأبحاث اللاهوتية في دير الطنطور (القدس)، كما وشغل منصب أمين سرّ الرابطة المسكونية والعلاقات بين الأديان التابعة للمجلس المسيحي الموحد في اسرائيل (UCCI: United Christian Council in Israel)، كذلك، حصل الأب "ييغر" على شهادة الدكتوراه في الحق القانوني، لم يلبث بعدها أن بدأ بالتعليم لدى المعهد البيبلي الفرنسيسكاني في القدس (1986 – 1992).

نال بعد ذلك، ما بين عامي 1992 و 1998، في ولاية تكساس (الولايات المتحدة)، المزيد من الخبرة الأساسية في مجال القانون، وأصبح، منذ عام 1999، معلماً للحق القانوني في جامعة "أنتونيانوم" (Antonianum) الحبرية في روما، وهو يعمل كذلك مستشاراً لمجمع الكنائس الشرقية، والمجمع الخاص بالإكليروس، والمجلس الحبري للنصوص التشريعية، إضافة الى المجلس الحبري للعائلة.

لطالما كان الأب "ييغر" حساساً وشديد الإدراك للمشاكل التي تمزق الأرض المقدسة، كما وللتطورات التي تطرأ في مجال الحركة المسكونية والحوار اليهودي-المسيحي، يشمل ذلك أيضاً الناحية المؤسساتية والدبلوماسية، وهو أيضاً معروف على المستوى الدولي لأجل الدور الذي لعبه، منذ عام 1992، كعضو وخبير قانوني في وفد الكرسي الرسولي لدى لجنة العمل الدائمة الثنائية الجانب بين الكرسي الرسولي ودولة إسرائيل. إستطاع بما لديه من مهارة، أن يحقق مساهمة جوهرية لدفع عجلة العلاقات الدبلوماسية، بين الفاتيكان وإسرائيل، الى الأمام، والى إحراز تقدم في الحوار الذي أفضى الى توقيع الإتفاقيات بين الطرفين، عام 1993.

إن نبأ تعيين الأب "ييغر" قاضياً في الروتا الرومانية، هو دافع للفرح والفخر بالنسبة لسائر الرهبنة الفرنسيسكانية، وبصورة خاصة، حراسة الأراضي المقدسة، التي لأجلها عمل الأب "ييغر" بحماس مدة طويلة، بما في ذلك كمبعوث للحراسة في روما، محافظاً دائماً على روابط متينة بها ومحبة قوية لها. يوم نفاذ تعيينه الجديد، خصص العالم اليهودي في اسرائيل أيضاً للأب "ييغر" مقالاً نشر في جريدة "هآرتس". وبكل تعاطف، تتبع هذا المقال مراحل مسيرته وخياراته الصعبة، مبرزاً رهافة الحس الإنساني والمواهب الثقافية رفيعة المستوى التي تمتع بها إنسان إستطاع من خلال تقلده لوظائف في أعلى المؤسسات والدوائر الكنسية، أن يشهد لغنى تركيبته الروحية وخصبها، بجذورها اليهودية وحسها المسيحي.

Caterina Foppa Pedretti