في دير العليّة الصغيرة يقيم جيران المزار | Custodia Terrae Sanctae

في دير العليّة الصغيرة يقيم جيران المزار

سيتوجّه الرهبان الفرنسيسكان بعد بضعة أيّام نحو عليّة صهيون للإحتفال بعيد العنصرة في المكان نفسه الذي أُعطي فيه الروح القدس للعالم. ويذهب الرهبان الفرنسيسكان أيضاً إلى العليّة خلال السنة مرّتين أخريين: الأولى للإحتفال بغسل الأرجل يوم خميس الأسرار، والثانية للصلاة من أجل وحدة المسيحيين في شهر كانون الثاني. ولأسباب متعدّدة، يُمنَع الإحتفال بالقداس الإلهي في العليّة. لذلك فإن ما تقام هناك هي مجرّد صلوات ورتب "بسيطة".

لهذا السبب، يقيم الفرنسيسكان في دير القديس فرنسيس بجوار العليّة؛ فهي المكان المقدّس الذي يشهد فيه التقليد للعشاء الأخير ويوم العنصرة. أوضح لنا رئيس الدير، الأب اينريكي بيرنيخو، قائلاً: "الهدف هو أن نتيح للحجّاج الإحتفال بالإفخارستيّة في أقرب نقطة ممكنة من المكان الذي أسّسها المسيح فيه". أقام الرهبان في الماضي على جبل صهيون، وذلك ما بين القرنين الرابع عشر والسادس عشر. وعندما تمّ طردهم من هناك، توجّهوا للإقامة في دير المخلّص، حيث لا يزالون حتى اليوم.لم يستطع الرهبان الفرنسيسكان العودة إلى جبل صهيون سوى في عام 1936، حيث أقاموا في بيتين تمّ شرائهما من عائلات فلسطينية، وتمت تهيئتهما لسكن الإخوة فيهما. أطلق الرهبان على المكان، بشيء من العاطفة، لقب "العلّيّة الصغيرة" أو في الإيطاليّة "Cenacolino"، حيث يقيم اليوم خمسة إخوة ينتمون إلى بلدان مختلفة.

في الحديقة، قابلنا الأخ فاندر الذي قال لنا: "أنا من البرازيل، ولكن هنالك أيضاً أخ من مقاطعة كيبيك، وأخ آخر من بولندا واثنين من اسبانيا". ما هي رسالتهم؟ هي استقبال الحجّاج. وتابع الأخ فاندر قائلاً: "استقبلنا في شهري أيلول وتشرين الأول احدى عشر قدّاساً في اليوم تقريباً. أمّا في شهر كانون الثاني، فكنّا نستقبل في اليوم قداساً واحداً أو قدّاسين، وأحياناً لم نكن نستقبل أحداً. إن ذلك يعتمد في الحقيقة على الأشهر. يبقى الباب مغلقاً دائماً لأسباب أمنيّة، ولكن يكفي أن يَقرع الزائر الجرس!". فكما قال الإنجيل: اقرعوا يُفتَح لكم. وفي العادة ما تتضمن زيارة الحجّاج لدير العليّة الصغيرة، الذهاب إلى المراحيض ثم أخذ الصور وزيارة الحديقة قبل الإصغاء للشرح الذي يقدّمه أحد الرهبان والإحتفال بالقدّاس الإلهي.

لإستقبال الحجاج بصورة أفضل، أنشأت الحراسة كنيسة ثانية، اضافة إلى الكنيسة القديمة التي تمّ ترميمها في عام 1980. أمّا الحديقة فقد تمّ تجديدها في عام 2014 (أقرأ مقالنا السابق: http://ar.custodia.org/default.asp?id=737&id_n=27864&Pagina=12). يتاح للجميع زيارة هذه الحديقة، التي تمّ تصميمها بحيث تؤدّي في النهاية إلى الكنيسة الجديدة ذات النوافذ الزجاجيّة المنيرة. كما ويجد الزائر في المكان عملاً فنيّاً من النحت يُذَكّره بالإفخارستية، وحوض ماء يُذكره بالمعموديّة، اضافة إلى مقاعد تسمح له بالتوقّف للصلاة. يمنح صوت العصافير، والأشجارُ والورودُ، المكان جوّاً يحمل على الرّاحة، كواحة على جبل صهيون تغمر زائريها بالسلام، رغم أن هذا المكان هو الأكثر حساسيّة في القدس.

تقع عليّة صهيون على جبل صهيون، وهي جزء من الملكيّة الشاسعة التي حصل عليها الفرنسيسكان في القرن الرابع عشر. ووفقاً لأحد التقاليد التي تعود إلى القرون الوسطى، فإن قبر الملك داؤود، ملك اليهود، يقع في الغرفة السفلى ضمن هذا البناء الهندسي المركّب. أمّا الغرفة العليا، فكان العثمانيون قد حوّلوها إلى مسجد بعد أن قاموا بطرد الرهبان الفرنسيسكان منها في القرن السادس عشر. وكما هو الحال في أماكن أخرى من الأرض المقدّسة، يخلق هذا المكان توتّراً من الحين إلى الآخر، بين الجماعات المختلفة التي تشعر بأهمّيّته بالنسبة لها. يشعر، بل يختبر الرهبان الفرنسيسكان هذا التوتّر كلّ مرّة تثير فيها مجرّد رؤية ثوبهم الرهباني ردود فعل لدى البعض. من ناحيتها، تسهر الدولة العبريّة على تأمين حريّة الوصول إلى المكان المقدّس، وضمان الأمن للأشخاص والأشياء في الأوقات التي يسودها التوتّر.

لكن، إذ تقع العليّة الصغيرة في مكان بعيد قليلاً، فإنّها تبدو بالنسبة للزائرين كمرفأ للسلام. من ناحيته، أوضح الأب انريكي قائلاً: "تعاني جميع المزارات المقدّسة من التضاؤل في عدد الحجّاج. يُظهر كثيرون الخوف من المجيء إلى الأرض المقدسة، رغم أنّها احدى الأماكن الأكثر أماناً في العالم!"

هناك، في الأرض المقدّسة، تنتظر الحجّاجَ جماعةٌ فرنسيسكانية متنوّعة من حيث اللغات، يسهر الرهبان فيها على الإعتناء بالأماكن المقدّسة.

يفتح مزار العليّة الصغيرة أبوابه أمام الحجّاج والزائرين صباحاً بين الساعتين 8:00 و12:00. ويعيد فتح أبوابه عند الساعة 2:30 بعد الظهر. آخر قدّاس يمكن الإحتفال به هو عند الساعة 5:00 مساءاً في الشتاء، و6:00 مساءاً في الصّيف.

HM