فضيلة الرجاء: في قلب التهاني التي وُجهت للكنائس الأرثوذكسية | Custodia Terrae Sanctae

فضيلة الرجاء: في قلب التهاني التي وُجهت للكنائس الأرثوذكسية


الجمعة 9 كانون الثاني، وفي شوارع البلدة القديمة الفارغة من سكانها وزائريها بسبب برودة الطقس، سُمعت أصوات عصي القواسة وهم يسيرون في مقدمة موكب الرهبان. ففي هذا اليوم، تبادلت الكنائس التهاني بحلول الأعياد الميلادية بحسب التقويم اليولياني الذي تمسكت الكنائس الشرقية باتباعه عقب الإصلاح الغريغوري للتقويم في الغرب. وكما في كل عام، جائت الكنائس الكاثوليكية والبروتستنطية لتهنئة الكنائس الأورثوذكسية الشقيقة باحتفالها بعيد مولد المسيح.

نذكر بأن الكنائس الأرثوذكسية قد هنئت بدورها الكنيسة الكاثوليكية أثناء إحتفالها بعيد الميلاد في الأسابيع الماضية.

انتقل الأب الحارس برفقة العديد من الرهبان الفرنسيسكان، يتقدمهم القواسة، من بطريركية إلى أخرى لتقديم التهاني.

كانت محطتهم الأولى هي بطريركية الروم الأرثوذكس، حيث استقبل غبطة البطريرك ثيوفيلوس الثالث الوفدَ الكاثوليكي، يحيط به سائر أساقفته والكهنة، في ديوان البطريركية الفاخر. ومتحدثاً عن فضيلة الرجاء، أوضح الأب الحارس كيف أن ميلاد المسيح "كان جواباً من الله على توقعاتنا نحن البشر". "فالله ليس بعيداً عنى. بل هو يقف على باب قلبنا يقرع. هو الله معنا، الذي يريد أن يُهَدِّأَ قلقنا".

وقد أشار الأب بييرباتيستا بيتسابالا مرّة أخرى إلى حاجة الشرق الأوسط اليوم إلى رسالة الخلاص، التي يجب على مسيحيي الأرض المقدسة الشهادة لها بكل حياتهم. ثم تابع قائلاً: "على رسالة المسيحيين في الأماكن المقدسة أن تستمر. وما نتمناه هو أن يستمر الحوار البناء الذي يجمع بين كنائسنا، فهو يخدم مؤمني هذه البلاد وحُجاجها".

من ناحيته، أجاب غبطة البطريرك على الخطاب الذي ألقاه الأب الحارس موضحاً بأن رسالة الرؤساء الروحيين المسيحيين هي "المحافظة على قداسة الأماكن التي تم فيها التجسد والفداء". أصغى الزوار بعد ذلك بفرح إلى بعض الترانيم الشرقية الأورثوذكسية التي رنمتها جوقةٌ ليتورجية متخصصة، جائت من مدينة عكا. جائت هذه الزيارة لتأكد من جديد على العلاقات الأخوية والقوية التي تربط الكاثوليك بالأورثوذكس في الأرض المقدسة.

توجه الفرنسيسكان بعد ذلك إلى بطريركية الأحباش الأورثوذكس، لمتابعة طقوس المعايدة. كان اللقاء هذه المرة، فريداً من نوعه. بل إنه كان "سابقة"، بحسب تعبير الأب الحارس. حيث وجه هذا الأخير تهانيه إلى البطريرك الحبشي باللغة العبرية، التي تمت ترجمتها بعد ذلك إلى اللغة الحبشية. من ناحيته، أجاب البطريرك على هذا الخطاب بلغته الحبشية، فتمت ترجمة خطابه أولاً إلى العبرية، ومن ثم إلى الإيطالية كي يستطيع جميع الرهبان فهم فحواه.

آثر مسؤول الكنيسة الحبشية أن يركز في جوابه على جانب الشهادة للإيمان المسيحي. وأوضح قائلاً: "نحن قد قبلنا رسالة الوحدة والشركة التي حملها إلينا المسيح بتجسده. لذلك فإن علينا أن نشهد لذلك في حياتنا. والرب يعطينا القوة كي تكون شهادتنا فعّالة".

أما الزيارة الثالثة فكانت لدى الأقباط، حيث تم استقبال الرهبان بكل بساطة أخوية. تحدث الأب الحارس والبطريرك عن الفقر الذي يعاني منه مسيحيو الأرض المقدسة، وعن أهمية وجودهم، وواجب المحافظة على هذا الوجود رغم التحديات والتهديدات الكثيرة. من ناحيته، أشار الأسقف القبطي إلى التفاهم الجيد بين البابا فرنسيس والبابا القبطي ثيودوروس. وكان على الرهبان الفرنسيسكان تناول الليكور والشوكولاتة التي قدمها لهم الأقباط، بسرعة، ذلك لأن السريان الأورثوذكس كانوا في انتظارهم.

اختتم الإخوة الأصاغر زيارات المعايدة لدى كنيسة السريان الأرثوذكس، حيث تحدث الجميع عن الخطر الذي تشكله الدولة الإسلامية، وعن هجرة المسيحيين من العراق وسوريا، وعن مستقبل الحضور المسيحي في الأرض المقدسة. عبر بطريرك السريان الأرثوذكس بوضوح عن رأيه قائلاً: "يجب أن لا نخاف! فتجسد الله قد صالح السماء مع الأرض، وعلينا أن لا نفوت هذه الوحدة التي لن تزول أبداً! فلنصلي إذاً طالبين نعمة الله، كي نستطيع أن نتابع رسالتنا في الأماكن المقدسة!".

توجه الفرنسيسكان بعد ذلك في تطواف نحو دير المخلص، بينما بدأت الثلوج تتساقط على المدينة المقدسة. فعلّق الأب الحارس على ذلك مازحاً: "بإستطاعة الأورثوذكس الآن أن يقولوا بأن هذا الثلج قد تساقط، ليؤكد على صحة تاريخ احتفالهم بعيد الميلاد!"

نذكر بهذه المناسبة أن القاصد الرسولي كان قد جاء يوم السبت الماضي إلى دير المخلص لمعايدة الرهبان الفرنسيسكان ومشاركتهم طعام الغداء.

Nicolas Kimmel