بمناسبة اقتراب عيد الميلاد المجيد، صنعت حراسة الأراضي المقدسة لنفسها مغارة غير عادية | Custodia Terrae Sanctae

بمناسبة اقتراب عيد الميلاد المجيد، صنعت حراسة الأراضي المقدسة لنفسها مغارة غير عادية

ها نحن نقف وسط قرية في منطقة نابولي، في منتصف القرن الثامن عشر. أمام صخرة عالية، تحتوي على العشرات من التماثيل الصغيرة. وفي قلب هذه الصخرة، وسط دفيء الإسطبل، ولد ابن الله للعالم. إنها مفارقة تاريخية مقصودة، تذكرنا بشمولية سرّ التجسد.

أقيم يوم الجمعة 28 تشرين الثاني 2014 لدى حراسة الأراضي المقدسة في القدس إحتفال، تم خلاله افتتاح مغارة تقليدية مستوحاة من تراث مدينة نابولي الإيطالية. وقد ألقى المونسينيور فرانشيسكو يانوني أثناء الإحتفال الذي أقيم في القاعة التابعة للكوريا، كلمة أوضح فيها معنى هذا التقليد ومغزاه. فهذا العمل هو نتيجة للتعاون بين المونسينيور يانوني، عالِمِ الآثار، والأب سيرجيو، أمين سرّ الحراسة. وبالنسبة للمونسينيور يانوني فإن "المغارة النابوليتانية هي غنية دائماً بتماثيلٍ تشير إلى شخصيات تختلف عن بعضها البعض، وفي هذا حقيقة مهمة عن إله المسيحيين (...). فإله المسيحيين لا يحب البشر بصورة عامة ومجرّدة. لكنه يكنّ الحب لكل واحد بصورة خاصّة. فكل إنسان في نظره فريد."

تضم هذه المغارة في الواقع تماثيل لشخصيات تنتمي إلى جميع الأعراق والفئات الإجتماعية. فنرى مثلاً بائع الأسماك، وهو يقف خلف طاولته. وكذلك، نرى الأم التي ترضع وليدها وهي تنظر إلى القرية من شرفة بيتها الأنيقة. نجد أيضاً في هذه المغارة عازفي الموسيقى السّود وهم يحتفلون. كما ونرى أيضاً صانع الدفوف، بل وحتى أحد الأشخاص وهو يأكل المعكرونة بشراهة مستخدماً في ذلك أصابع يديه! وبطبيعة الحال، لم تغب عن مغارة الميلاد هذه شخصياتها الكلاسيكية كملوك المشرق المتشحين بثيابهم الغنيّة، والرعاة وهم يحملون الخراف على أكتافهم، وأخيراً سبعة ملائكة مُجَنّحين، يقفون فوق العائلة المقدسة المجتمعة معاً للمرة الأولى.

أوضح المونسينيور فرانشيسكو يانّوني بأن " المرء لا يصغي إلى مغارة الميلاد كما يصغي إلى محاضرة، ولا يقرأ المغارة كما يقرأُ كتاباً. فالمغارة هي للزيارة. يزروها الإنسان، كما فعل من قبله الرعاة ليلة الميلاد، مصغين إلى صوت من قال يوماً: تعالوا وانظروا!". يستحيل على المرء أن يقف دون تأثر أمام هذه الخيمة المليئة بالأقمشة والألوان المتعدّدة، والتفاصيل المتنوعة، من القبعة وحتى الحذاء، ومن الفوانيس المعلقة هنا وهناك، وحتى الرغوة التي تشبه الثلوج التي تغطي أرضية المغارة. علّقت الأخت ماري، راهبة من جزيرة مالطا، قائلة: "لم أرى في حياتي أجمل من هذه المغارة!"

قامت بإعداد هذا العمل الفني من أجل حراسة الأراضي المقدسة هذا العام، شركة تديرها احدى العائلات في مدينة نابولي وتدعى سكاراباتّولا. وما يثبت خبرة هؤلاء الفنانين، هي أنهم قد أهدوا مغارة عيد الميلاد أيضاً لملك اسبانيا. ومن الناحية التقنية، فقد تمت صناعة أجساد التماثيل من الأسلاك والقش، بينما صنعت أطرافهم والرؤوس من الطين، والعيونُ من الحديد. لفت انتباهَ الجميع في البداية تمثالُ القديس يوسف، الذي كان يحمل لحية دون شارب. مما اضطر بأمين سر الحراسة أن يطلب من صانعيه اضافة الشارب، خوفاً من خلق أي سوء للفهم!

شارك الكثيرون، في حفل افتتاح المغارة ورتبة البركة التي ترأسها حارس الأراضي المقدسة بنفسه، الأب بييرباتيستا بيتسابالاّ. وفي نهاية الإحتفال، قدمت مجموعة من طلاب معهد مانيفيكات للموسيقى، بعض الترانيم التقليدية الخاصة بعيد الميلاد المجيد. بهذا نكون قد تذوقنا مُسبقاً لذّة الأفراح الميلادية، قبل يومين فقط من الدخول في زمن المجيء.

Mélinée Le Priol