الصلاة لأجل وحدة المسيحيين | Custodia Terrae Sanctae

الصلاة لأجل وحدة المسيحيين

القدس 26-27 كانون الثاني 2011 تستمر الصلاة اليومية في الأرض المقدسة لأجل وحدة المسيحيين. وبالنسية للكنيسة اللاتينية، فإن اللقاء لأجل الصلاة قد تم لديها، يوم الأربعاء 26 كانون الثاني، في كنيسة دير المخلص الرعوية، التابعة للإخوة الأصاغر الفرنسيسكان في حراسة الأراضي المقدسة. وفي جو من الإحتفال والهيبة اللتين توحي بهما كنيسة دير المخلص، ترأس الأب أرتيميو فيتوريس، نائب الحارس، الإحتفال بالصلاة المسكونية. وقد حرص الأب أرتيميو على التذكير بأن الحضور الفرنسيسكاني في الأرض المقدسة قد أخذ له في البداية مقراً في علية صهيون، ومن ثم، عبر التاريخ، إضطر الإخوة الرهبان الى ترك هذا المكان والإنتقال الى دير المخلص، الذي أصبح منذ ذلك الحين "العلية الجديدة".

وكما في كل لقاء من اللقاءات المسكونية، شهد هذا اللقاء أيضاً مشاركة كبيرة، وحضوراً مهما من قبل المؤمنين العلمانيين الذين تراكضوا نحو رعيتهم ليستقبلوا فيها المسيحيين أبناء الكنائس الأخرى. لقد استنشقنا حقا خلال هذه اللقاءات ما تحويه العبارة التالية: "متحدين في تعليم الرسل، والشركة الأخوية، وكسر الخبز والصلاة"، التي شكلت عنوانا إقترحته الكنائس المسيحية في القدس لهذا الأسبوع، وذكَّر به قداسة البابا لدى إحتفاله بصلاة الغروب الثانية لعيد إهتداء القديس بولس، يوم 25 كانون الثاني، في بازيليكا القديس بولس خارج الأسوار في روما، مختتما بذلك أسبوع الصلاة لأجل وحدة المسيحيين. دعى الأب فراس حجازين الفرنسيسكاني، كاهن الرعية، الجمع الى لحظة من التفكير والتأمل.

حرص الأب فراس على التذكير بأن الكاهن في الليتورجية اللاتينية، خلال القداس الإلهي وبعد الصلاة الربية، يصلي الى الرب قبل تبادل سلام المسيح، أن لا ينظر الى خطايانا بل الى إيمان كنيسته وأن يمنحها الوحدة والسلام. ومنطلقا من خبرة الإيمان الأولى لدى شعب إسرائيل، عند خروجه من أرض مصر، وخاصة ما جاء في الوصايا العشرة، ذكّر الأب فراس الجمعَ بأن يسوع قد ذهب الى ما أبعد من شريعة العهد القديم، وأنه قد جسد في حياته عينها التطويبات، حيث عاشها حتى النهاية، حتى الموت على الجلجثة حباً ورغبة منه بالوحدة والشركة. إختتم الأب فراس عظته مذكراً بأنه وكما يطحن عدد كبير من الحبوب معاً كي تصبح طحيناً يعجن ليتحول بعد ذلك الى رغيف خبز واحد، فكذلك المسيحيون مدعوون كي يذوبوا معاً رغم إختلافاتهم كي يصيروا خبزاً واحداً. شهد اللقاء الذي أقيم في العلية أيضاً عددا كبيرا من المشاركين. قام الرهبان البندكتيون المقيمون في بازيليكا نياحة العذراء المجاورة، بتهيأة لقاء الصلاة. في الغرفة التي يروي لنا التقليد بأن فيها قد أسس المسيح الإفخارستية، يأخذ كسر الخبز معنى خاصاً يعود بنا الى بدايات المسيحية، الى هذا العمل الأول الذي قام به يسوع وجعل تلميذي عماوس يعرفانه، والذي يجعل العالم يعرف أيضاً كل مسيحي يعيش الإنجيل في أصالته. هذا بالضبط ما ذكر به الأب "يوهانيس" في عظته التي شرع بها قائلاً: "المشاركة لا يمكن أن تكون سبباً للشقاق، ولا يمكن لها أيضاً أن تكون خسارة بل هي ربح"، ملخصاً ببضعة كلمات ما نعيشه في القدس هذه الأيام.

كانت خاتمة عظته أيضاً غنية بالأمثلة، إذ إستعان فيها بقصة جمعت بين البساطة والعمق، قصة ثلاثة إخوة: أخين منهما، صبي وبنت، نشأ بينهما نزاع. فقام الأخ الثالث، وإذ إنتابه الحزن لما حدث، بقسمة قطعة من البسكويت الى شطرين، وأعطى النصف الأول الى أخيه الذي نشأ معه الخصام. فقام هذا الأخير، وقد هدَّأت هذه التقدمة وهذه اللفتة الجميلة من روعه، بقسمة نصفه الى نصفين آخرين منح أحدهما الى أخته الصغيرة التي نشأ معها النزاع. فها هي الأيدي التي صنعت الشر فيما سبق، قد أصبحتا أيد للشفاء. قصة صغيرة، تظهر لنا ببساطتها، أن المغفرة هي بطبيعتها مجانية، وهي عبارة عن هدية. فلنثبت مواظبين خلال هذه الأيام على الصلاة، كي نصل الى خاتمة هذا الأسبوع، الأحد 30 كانون الثاني، حيث يقام اللقاء في كاتدرائية القديس جورج الأنغليكانية، على أن لا نتوانا عن ذلك في حياتنا اليومية المقبلة، بأن نغفر للآخرين على مثال الرسل… والأطفال الثلاثة.

‏Marco Gavasso