الجمعة العظيمة: مسيرة جنّاز المسيح | Custodia Terrae Sanctae

الجمعة العظيمة: مسيرة جنّاز المسيح

يقوم الفرنسيسكان في حراسة الأراضي المقدّسة، باحتفال في يوم الجمعة العظيمة داخل بازيليكا القيامة، لا يعرفه الكثيرون: هو رتبة جناز المسيح.

سواء أكان محركا للمشاعر أم صادما، فإنه لا يترك أحدا غير مبال. في الواقع فان القليل من الناس من استطاعوا رؤية هذه الرتبة عن قرب، بسبب كثرة الجمع المتزاحم لزيارة القبر المقدّس في يوم الجمعة العظيمة هذا، كان الصف الأول تقريبا كله من الفرنسيسكان المقيمين في المدينة ( حوالي المئة أخ).
بذلك، يكون موقع الحراسة على الإنترنت هو الوسيلة الأنسب التي تسمح لرواد الإنترنت الدخول في الطقس الخاص بهذه الرتبة غير الشائعة (أنظر إلى الألبوم المصور).

إنها رتبة تعود بالتاريخ إلى أساليب التعبير التي اتبعت في القرون الوسطى، التي ألهمت من آلام الرب، والتي دعيت بالأسرار (Mystères). وقد كانت في الوقت نفسه، بحسب التقليد، الذي قام فيه القديس فرنسيس الأسيزي بخلق فكرة مغارة بيت لحم. لكن إذا كان طفل المغارة الإلهي يثير (القليل) من المناظرات، فإن المسيح الملطخ بالدماء والمتحرك المفاصل يثير المزيد من التساؤلات.

لأن هذه الرتبة هي إيمائية. الإيماء لإنزال يسوع عن الصليب، ومن ثم تطييبه ووضعه في القبر. وهذه الإيماءات تتم في الأماكن عينها التي تمت فيها آلامه، من مذبح جبل الجلجلة وحتى البناء الذي يضم القبر المقدّس. إن الخطر الذي قد يكمن في "إعطاء جسم" للمسيح المتألم خلال لحظات الآلام هذه، هو أن نكرم الموت أكثر منه أن نكرم ذكرى الموت، الأمر الذي لا يصح من غير القيامة.

ليس المقصود صورة معقولة عن الآلام، ولكن مجرد صورة تشبيهية تساعد، من هو بحاجة، على تأوين فكرة أن المسيح، ابن الله الحي، قد عرف الموت في الجسد. هذا بالذات ما يصنع الثورة في الإيمان وما فيه من الأمل. بابنه، عرف الله الموت لينتصر عليه. " إذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل" (1 قورنثس 15: 17).

في زمن مجمع نيقيا الثاني (787)، في ذروة الخصام حول الأيقونات، استطاع البابا أدريانوس (772 – 795) أن يكتب ما يلي: " من خلال وسيلة وجه مرئي، ترتفع روحنا بانجذاب روحي نحو العظمة الإلهية غير المرئيّة من خلال التأمل في الصورة التي تمثل الجسد الذي تنازل ابن الله وأخذه من أجل خلاصنا. حتى بذلك، نقوم بالسجود والتسبيح معا ممجدينه بالروح، هذا الفادي ذاته، لأنه، كما كتب، "الله روح"، ولهذا فإننا نسجد بالروح لإلوهيته." (رسالة البابا أدريانوس الأول إلى الأباطرة، في: Mansi XII, 1062 AB.).

في هذه الأرض المقدّسة، حيث تمنع اليهوديّة والإسلام أي تمثيل حسي لله، فإن رتبة الجناز هذه، ليست (كما لو كنا) نشارك في دفن المسيح، ولكنها مجرد ذكرى. خلال العرض هذا، يذكرنا صوت المسيح الذي يهمس في آذاننا قائلا: "يا قليلي الفهم وبطيئي القلب عن الإيمان، بكل ما تكلّم به الأنبياء. أما كان يجب على المسيح أن يعاني تلك الآلام فيدخل في مجده؟" إذا، فكما أن حاجَّي عماوس كانا قد عرفاه عند كسر الخبز، كذلك، فلدى تأملنا صورة المسيح في القبر، فإن قلوبنا تتمتم، في انتظار يوم الفصح المبارك قائلة: " أين يا موت غلبتك؟"
ماري أرميل بوليو