البطريرك الروسي كيريل الأول في زيارة تاريخية إلى القدس | Custodia Terrae Sanctae

البطريرك الروسي كيريل الأول في زيارة تاريخية إلى القدس

الجمعة 9 نوفمبر، عج باب الخليل في القدس بالعديد من الممثلين عن الكنائس المسيحية في القدس ومن بينهم البطريرك فؤاد طوال، البطريرك اللاتيني في القدس، والأساقفة والكهنة والمؤمنون، ومختلف وسائل الإعلام المحلية والعالمية، لاستقبال البطريرك كيريل الأول، بطريرك موسكو وعموم روسيا للكنيسة الأرثوذكسية، الذي بدأ زيارة تاريخية تستمر ستة أيام إلى الأراضي المقدسة، وهي الأولى منذ تنصيبه رئيسا للكنيسة الأرثوذكسية الروسية عام 2009. وكان سلفه البطريرك أليكسيس الثاني قد زار الأراضي المقدسة عام 1991.

وتوجه الموكب الحافل إلى صرح بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس وكان في استقباله البطريرك ثيوفيلوس الثالث البطريرك الأورشليمي الأرثوذكسي، الذي يترأس أكبر الطوائف المسيحية في الأراضي المقدسة. وكان المئات يصطفون على جانبي الطريق المؤدي إلى كنيسة القيامة، وهم يحاملون الشموع احتفاء برئيس الكنيسة الروسية، وانتظر وصول غبطته على مدخل كنيسة القيامة رئيس القبر المقدس، الأب فرغوس كلارك الفرنسيسكاني مع ممثلين رسميين آخرين. وبعد زيارة قصيرة توجه الموكب إلى بطريركية الروم الأرثوذكس.

ومن المقرر أن يزور البطريرك الروسي أبرز المواقع المسيحية، إلى جانب القبر المقدس، كنيسة المهد في بيت لحم، الناصرة وبحيرة طبريا في الجليل. كما سيجتمع غبطته يوم السبت في بيت لحم برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ثم الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيرس في القدس. كما سيزور الأردن يوم الثلاثاء المقبل ليلتقي الملك عبد الله الثاني قبل أن يعود إلى موسكو في اليوم التالي.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية يغئال بالمور: "على الصعيد الديني، إنها أهم زيارة يقوم بها رئيس كنيسة إلى إسرائيل منذ زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر عام 2009".
وتعتبر زيارة البطريرك كيريل تاريخية على الصعيد الرسمي، وصرح غبطته في مؤتمر صحفي عقده فور وصوله إلى القدس: "نعلم أنه لا يوجد هنا سلام كامل بعد، ولكن المطلوب هنا في الشرق الأوسط تحقيق العدالة. ولذلك سنرافق الحضور المسيحي في الأرض المقدسة بالصلوات من أجل السلام في القدس وفي سائر المنطقة".

ومن الجدير بالذكر أن أبناء الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في إسرائيل يتراوح عددهم ما بين 250 إلى 300 ألف، وقد جاء هـؤلاء في تسعينات القرن الماضي من الاتحاد السوفـياتي السابق إثر انهياره.
وترعى البطريركية الأرثوذكسية المصالح الكنسية بما يطلق عليه «فلسطين الروسية»، وهو مصطلح يشمل العناية بالأراضي والمباني والعقارات التي اقتنتها الإمبراطورية الروسية والكنيسة الأرثوذكسية الروسية في فلسطين خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

ومن بين هذه المباني الشهيرة مبنى محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس، وكان مبنى المحكمة العليا سابقا، ويعرف بمبنى وساحة المسكوبية، نسبة إلى موسكو. حتى أن قيمة هذه الممتلكات كانت تتراوح ما بين 1,5 – 2% من إجمالي مساحة فلسطين التاريخية. ويعود امتلاك الكنيسة الأرثوذكسية للأراضي في فلسطين – وتحديداً في القدس والخليل وأريحا والناصرة – إلى القرن التاسع عشر، حيث تزايد عدد الحجاج الروس إلى الأراضي المقدسة بشكل لافت خلال تلك الفترة، وهكذا شرعت الكنيسة الروسية في بناء العديد من الأديرة والكنائس والفنادق لإيواء هؤلاء الزوار. وفي عام 1864 أنجز بناء «المقامات الروسية» في القدس، الذي بات يعرف باسم المسكوبية، وكان يتسع لإيواء ألفي شخص.
ومن أشهر المباني التي شيّدتها في تلك الفترة كاتدرائية الثالوث، وكنيسة مريم المجدلية، وكنيسة الشمعة الروسية. وفي تموز 2012، وبمبادرة من الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية تم بناء مبنى آخر هو أول ممثلية علمية – ثقافية لروسيا الاتحادية في فلسطين على قطعة الأرض التي أهدتها السلطة الوطنية الفلسطينية إلى روسيا. ويتضمن المبنى قاعات للمعارض والتدريبات والعروض الموسيقية والرقص والحفلات.

ويعود تأسيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية إلى العام 988 عندما اعتنق أمير كييف فلاديمير الأول، المسيحية عن طريق الكنيسة الأرثوذكسية. وأصبح لاحقا القديس فلاديمير. ودعا جميع رعاياه لاعتناق المسيحية. وفي القرن الرابع عشر اتخذ رئيس أساقفة كييف وعموم روسيا، رئيس الكنيسة الروسية، من موسكو مقرا له، واعتبر الروس الأرثوذكس موسكو بأنها روما الثالثة بعد القسطنطينية، روما الثانية، وفي عام 1589 نال رئيس الكنيسة الروسية لقب بطريرك، واضعا نفسه بمرتبة بطاركة القسطنطينية، الإسكندرية، أنطاكية وأورشليم، وموسكو أي الخامسة منها تاريخيا.
والكنيسة الأرثوذكسية الروسية هي أكبر كنيسة أرثوذكسية شرقية على الإطلاق إذ يبلغ عدد أتباعها في العالم حوالي 150 مليونا، يتوزعون في 150 أسقفية و 242 ديرا.