الأب رفيق خوري يحدثنا عن "سينودس الإعلان الجديد للبشرى الإنجيلية | Custodia Terrae Sanctae

الأب رفيق خوري يحدثنا عن "سينودس الإعلان الجديد للبشرى الإنجيلية

مقابلة حصرية مع الأب رفيق خوري (بطريركية اللاتين في القدس)، تحدث فيها عن رؤية الكنيسة حول الإعلان الجديد للبشرى الانجيلية

الجمعة 16 تشرين ثاني 2012

أبونا شاركت في سينودس البشارة الجديدة في روما كخبير، حدثنا عن هذه الخبرة؟
دور الخبراء والذين يدعوهم السينودس المساعدين، هو ان نشارك في الجلسات العمومية ونستمع إلى مداخلات آباء السينودس، ومن ثم نقدم تقارير حول المواضيع التي طُرحت للأمانة العامة، لتطوير فكرة ومفهوم الإعلان الجديد للبشرى الإنجيلية .
في بداية السينودس، وزع على كل خبير موضوعا محددا لمتابعته في النقاشات العامة وتقديم تقرير بشأنه. انا تسلمت ملف الدعوات والتنشئة الكهنوتية، فتناولت كل ما يتعلق في هذا موضوع في ثلاثة تقارير للأمانة العامة، وزملائي قدموا تقارير في مواضيع أخرى، وهكذا ساهمنا في تطوير ورقة العمل التي نوقشت أثناء السينودس.
سافرت الى روما وكنت تحمل توقعات بأن هذا السينودس سيكون فرصة لزيادة الوعي للكرازة الجديدة، كيف رجعت؟
أولا المشاركة في السينودس هي خبرة كنسية من الطراز الأول، كنا في السينودس مع أساقفة من مختلف أنحاء العالم، من القارات الخمس، ومع خبراء ومدعوين من القارات الخمس أيضا، كل هذا كان يشكل خبرة كنسية مثيرة، أعطت كل واحد منا وجدانا كنائسيا جامعا، هذا ما أود الإشارة إليها قبل كل شيء. انأ أشارك للمرة الثانية في السينودس، وهذه هي الخبرة التي خرجت منها بشكل خصوصي.
بالإضافة للخبرة، هناك تفكير جاد ومتنوع الجوانب، حول ضرورة الإعلان الجديد للبشرى الانجيلية، حول وسائله، ظروفه، حول الواقع التي يتم فيه في مختلف أنحاء العالم، وهنا لوحظ ان البيئات المختلفة تتطلب طرقا خاصة في مجال الإعلان الجديد للبشرى، بمعنى ان الوضع في اوروبا يختلف عن الوضع في الشرق الأوسط، والوضع في إفريقيا يختلف عن الوضع في امريكا الجنوبية وآسيا. فقد تحدث الأساقفة عن وضع كل بلد من بلدانهم وما هو الإعلان الجديد للبشرى الذي ينطبق على البيئة التي يعيشون هم فيها. كانت هذه إحدى المجالات التي برزت في السينودس.
كما برزت أيضا مواضيع مثل التجسد الثقافي، أي اننا لا نستطيع ان نعلن البشرى الإنجيلية بدون الأخذ بعين الاعتبار الثقافة المحلية، وهنا أيضا نجد الاختلاف في الأوضاع والثقافات تختلف لأن كل ثقافة تحاول أن تزرع كلمة الإنجيل في الظروف الثقافية التي تعيش فيها كل كنيسة من هذه الكنائس.
ونقطة ثالثة مهمة وأساسية وهي العلاقة بين الكنيسة المبشِّرة والمبشََّرة. هذه كانت نقطة أساسية، بمعنى ان الكنيسة قبل ان تتوجه الى العالم يجب ان تكون هي أولا مبشّرة، ان تدخل الرسالة الإنجيلية في كل ثنايا كيانها، وفي كل جوانب حياتها، عندئذ تتجدد الكنيسة، ومن منطلق هذا التجدد تتوجه الى أبنائها والى العالم بأسره، ومن الأفكار الرئيسية التي ترددت المئات من المرات على لسان الأساقفة وهي أن أول خطوة نحو الأعلان الجديد للبشرى الإنجيلية هو اللقاء الشخصي بيسوع المسيح، وهذه من الأفكار الرئيسية التي برزت، أتصور انها رسالة بلغت الى جميع الأساقفة من كل انحاء العالم، وهي أن الاعلان الجديد للبشرى يبدأ باللقاء الشخصي بيسوع المسيح.
ابونا تحدثت علن خصوصيات كل كنيسة ماذا عن كنيسة الأرض المقدسة؟
انا كخبير قادم من الشرق الأوسط ( كنا اثنين من الشرق الأوسط، الأب سمير خليل من لبنان وانا)، ما حاولت أن أعمله هو إدخال الشرق الأوسط كحيز قائم بذاته بخصوص الاعلان الجديد. ما كنت اردده دوما هو ان الشرق الأوسط له خصوصياته من ناحية الايمان، وهذه الخصوصيات تتطلب إعلان جديد للبشرى يتناسب مع الظروف الحقيقية التي نعيش فيها. والفكرة التي طورتها هي ان الايمان موجود منذ ألفي سنة في بلادنا ولكن ظروف متنوعة مر فيها هذا الايمان جعلته نوعا ما ايمانا اجتماعيا وانتماء طائفيا للكنيسة. فالإعلان الجديد للبشرى الجديدة في بيئتنا في الشرق الأوسط يتطلب ان نتعمق في ايماننا بيسوع المسيح بحيث يكون ايمانا شخصيا بيسوع المسيح وهذا ينعكس على انتمائنا للكنيسة ليصبح انتماء كنسيا حقيقيا.
عاشت الكنيسة المحلية في الأرض المقدسة لمدة 15 عام مسيرة السينودس الذي لا بد انه حضر الطريق الخصبة لمستجدات اليوم...
عندما نسمع عن سنة الإيمان وعن الاعلان الجديد للبشرى الانجيلية تعود بنا الذاكرة إلى الخبرة التي عشناها. نحن عشنا خبرة حقيقية للأعلان الجديد للبشرى أثناء مسيرة الإيمان وهذه تساعدنا. لا نريد ان نعود الى الوراء ولكن هذه الخبرة تساعدنا كي ننطلق الى الامام ونطور مشاريع لهذا الاعلان الجديد انطلاقا من هذه الخبرة التي مرت بها كنائسنا في الأرض المقدسة وانطلاقا من حاجات كنائسنا المستجدة.
كيف سيتم تطبيق الرسالة التي صدرت عن هذا السينودس؟
انبثق عن السنودس عدة أشياء، منها الرسالة الى شعب الله، ومنها التوصيات التي تشمل 57 توصية، وهذه التوصيات ترفع الى قداسة البابا التي سيحولها الى ارشاد رسولي في أقرب وقت ممكن، هذه هي النتائج التي تمخض عنعها هذا السينودس. بالاضافة الى ذلك أعتقد ان كل أسقف شارك في هذا السينودس، ولدت فيه الرغبة في عمل شيء ما في كنيسته. السؤال الآن هو كيف سيتعامل هذا الاسقف مع ابرشيته كي ينقل بالفعل هذه النار التي تولدت فيه الى جميع ابناء أبرشيته للعمل معا في سبيل هذا المشروع أي الاعلان الجديد للبشرى. ما زلنا في بداية الطريق، الأن السينودس انتهى منذ اسبوعين فقط... المسألة مفتوحة للمستقبل. ان شاء لله، يعمل جميع الاساقفة في كل انحاء العالم شيئا ما في أبرشياتهم، ومنها ابرشياتنا، نحن البطريركية اللاتينية من ناحية وجميع الاساقفة الكاثوليك في الارض المقدسة، يا ليتنا نضع الموضوع على الطاولة لكي نرى ما هي المبادرات التي يمكن ان نقوم بها لكي نضع هذه التوجهات موضع التنفيذ في حياة ابرشياتنا. امامنا سنة الايمان، ونعمل عليها وهي جانب من جوانب الاعلان الجديد للبشرى الجديدة، اتصور ان كل هذه المبادرات تتلاقى فيما بينها، الارشاد الرسولي في كنائس الشرق الأوسط، سنة الايمان، وتصب في الاعلان الجديد للبشرى الانجيلية، كل هذه تجتمع معا لكي تشكل مشروعا كنسيا.
وأشير إلى أنه في بداية الشهر القادم، يعقد مؤتمر في بيروت حول الارشاد الرسولي، وأتصور انه سيتناول ايضا الإعلان الجديد للبشرى الإنجيلية بشكل من الأشكال، وأتمنى ان يكون هذا اللقاء رافدا من روافد مشروع الاعلان الجديد للبشرى الانجيلية في بلادنا ومنطقتنا. ليس الوقت هو وقت الرجوع الى الوراء، بل يجب أن يطور أساقفتنا في الأرض المقدسة العمل معا الذي بدأناه في مسيرة السينودس. هذا هو التحدي الذي يواجهنا، السينودس وكل المبادرات السابقة وضعت الكنائس الكاثوليكية مع بعضها البعض لكي تعمل مع بعضها البعض، اتصور ان هذا التعاون هو طريق المستقبل. لا يوجد طريق أخر، سوى ان نعمل معا. واعتقد ان السينودس كان دفعة قوية في هذا الاتجاة يجب ان لا نتراجع عنه، وهذا العمل معا يجب أن نوظفه للاعلان الجديد للبشرى الانجيلية. نطلب من الله ان ترافقنا نعمته، كي نجد المبادرات البسيطة المناسبة التي يمكن ان تضعنا في أجواء هذا الاعلان الجديد للبشرى الانجيلية في بلادنا، في الارض المقدسة وفي الشرق الأوسط بشكل أعم.
هل كان للشباب أي دور؟
دور الشباب كان ملفتا، كانت احدى المداخلات من أحد المدعوين ، وهو شاب عمره 23 سنة، مسؤول في حركة الموعوظين في ابرشية روما، جاء فيها موجها الكلام إلى الأساقفة: انتم تقولون ماذا تنتظرون من العلمانيين، وانا هنا اليوم بينكم لكي اقول لكم ماذا ننتظر من الكهنة. كانت مداخلته جدا مهمة، مما قاله اننا نريد كاهنا عارفا بهويته ورسالته، وعندما يرى العلمانيين نماذج من الكهنة الحقيقيين فإنهم مستعدون للعمل. ينتظر الشبان نماذج كهنوتية حقيقية لكي تساعدهم على محبة يسوع المسيح ومحبة الكنيسة. اعتقد ان إحدى التوصيات تتناول موضوع الشباب.
بما انك تسلمت موضوع الدعوات والسمينر، ما هو وضع الدعوات عالميا وهنا في الأرض المقدسة؟
الموضوع الذي طرح هو ما العمل لإعطاء طلاب الكهنوت تنشئة حقيقية تتناسب مع الاعلان الجديد للبشر الانجيلية، من الناحية الثقافية والعلمية والكنسية والروحية والراعوية وغيرها. تم التركيز في السينودس على ان الكاهن، على مثال الكنيسة، يجب ان يكون مَبَشَّرا قبل ان يكون مبشِّرا، وهذا له نتائج كبيرة على حياتنا الكنسية.
وأخيرا أود ان أشكر الله على نعمة حضور هذا السيودس الأخير لأنه كان كان غنيا جدا وطرحت فيه جوانب متعددة من الاعلان الجديد للبشرى الانجيلية، ونطلب من الله أن تنتقل هذه الخبرة التي عاشها المشاركون في هذا السينودس إلى الأبرشيات وجميع كنائس العالم ومنها ايضا كنيسة الأرض المقدسة وكنائس الشرق الأوسط. إن السينودس نعمة تدعونا الكنيسة إلى أن نستجيب لها بكل سخاء.

أجرت المقابلة: الهام مرشي

تصوير: نديم عصفور