شهادة الرهبان التابعين للحراسة بخصوص انفجارات بيروت | Custodia Terrae Sanctae

شهادة الرهبان التابعين للحراسة بخصوص انفجارات بيروت

"كنت في احدى الغرف التابعة لديرنا، أعلى الكنيسة في بيروت، عندما سمعت صوتا قوياً جدا، يشبه صوت الطائرة. فصعدت ونظرت إلى الخارج، وإذا بي أرى موجة من الصدمة العارمة من جراء الانفجار". بهذه الكلمات روى لنا الأب روجيه سعد الفرنسيسكاني اللبناني التابع لحراسة الأراضي المقدسة، الذي يخدم كوكيل للدير في بيروت، الكارثة التي ألمت مساء أمس بالعاصمة اللبنانية. وبسبب القيود التي تم فرضها منعا لانتشار فيروس كورونا، تبقى أبواب الكنيسة الشهيرة مغلقة أمام السواح والمؤمنين الذين كانوا يزورونها باستمرار. تقع هذه الكنيسة في حي الجميزة، على بعد 800 متر من الميناء، حيث حدث الانفجاران يوم الأمس. 

 

وتابع الأب روجيه قائلاً: "أصبح كل شيء أبيضاً لدى حدوث الانفجار. لم أستطع ان أرى شيئاً ورجعت إلى الخلف. ذهبت حالا وبسرعة لتفقد الاخوة ووجدت انهم في حالة جيدة مثلي. في الخارج، أخذ الناس يصرخون ولم يكن أحد يعلم ما الذي حدث. رأيت أشخاصا مصابين بجروح، لأن كثيرين قد اصيبوا بزجاج النوافذ التي تفجرت من جراء الانفجار. كان ذلك مثل هزة أرضية دمرت كل شيء". انهارت أيضاً بعض جدران الدير من جراء الانفجار، وكذلك وقعت الأبواب وتفجر زجاج النوافذ وتعرض السقف أيضاً إلى أضرار خطيرة. في اليوم التالي للكارثة، جاء الرهبان الفرنسيسكان المقيمون في دير حريصا المجاور، لتفقد حجم الخسائر التي تعرضت لها الكنيسة أيضاً. وقد وجب أولاً إزالة النوافذ للتمكن من الحركة داخل الغرف. ومن ثم وجب التفكير في أعمال الترميم الجدية التي يجب القيام بها.

 

وأكد الأخ روجيه قائلاً: "عندما خرجت إلى الشارع، رأيت البيوت مهدمة، وهذا ما جعلني أشعر بمزيد من الأسى: جاء كل هذا عقب أزمة اقتصادية صعبة جدا يمر بها لبنان. فقد ارتفعت كافة الأسعار خلال الأشهر الأخيرة، وأصبحت كلفة المعيشة مرتفعة جدا. فَقَد العديد من الأشخاص عملهم. شعرت بالأسى لدى تفكيري بالفقراء. فأنا راهب، ولكن ماذا عن الناس الذين لديهم عائلات وأطفال؟ كيف سيقومون بترميم منازلهم؟". وقد أوضح الراهب الفرنسيسكاني أنه أمضى الليل كله ساهراً لمراقبة الكنيسة، ذلك أن أبواب الكنيسة والدير لم تعد هناك. كان برفقته ساعة الانفجار أيضاً كل من النائب المحلي الأب مارون يونان ومسؤول الكنيسة الأب أنجيليكو بيلا. أما رئيس الدير في بيروت، الذي هو أيضاً رئيس إقليم القديس بولس، الأب فراس لطفي، فقد كان في سوريا حيث ذهب للإطمئنان على الحالة الصحية لأربعة من الرهبان المصابين بفايروس كورونا في دمشق. 

 

وقد روى لنا الأب فراس قائلاً: "ما ان حدث الانفجار حتى اتصل بي الرهبان من خلال مكالمة مصورة وسمعت صرخة أحد الرهبان يقول بأن كل شيء قد تفجر: الدير والغرف، كل شيء. ذهبت بتفكيري مباشرة إلى الاعتقاد بأنها سيارة مفخخة أو صاروخ، ولكن الرهبان سرعان ما قالوا بأنه كان شيء غاية في الخطورة وأنهم لم يعلموا ما الذي حدث بالتحديد. كانت وجوههم مغطاة بالغبار، لكنني رأيت أنهم في حالة جيدة. تم ارسال الراهب الأكبر سنا لقضاء تلك الليلة في دير حريصا. أما الراهبان الآخران فقد مكثا لحراسة الدير، خوفا من دخول أحدهم". وقد أوضح الراهب الفرنسيسكاني التابع لحراسة الأراضي المقدسة بأن الفوضى تعم في مثل هذه الأوضاع، وأن بيروت قد شهدت خلال هذه الأشهر الأخيرة، مظاهرات واحتجاجات بسبب الجوع، وكان ما زاد الطين بلّة هو انتشار جائحة كورونا أيضاً. وتابع قائلاً: "ستبقى الكثير من العائلات دون مأوى بسبب الانفجار، وقد يقوموا بمهاجمة المحال بسبب الجوع. علينا التفكير في ترميم الدير والكنيسة. إننا نتحدث عن بيت ذي قيمة فنية كبيرة، إذ أقيمت فيه قبل مائتي عام أول قطعة مسرحية في بيروت. يعتبر هذا الدير ارثاً تاريخياً في بيروت". وقد وجه الأب فراس رسالة تضامن دولية قال فيها: "اعتقد ان كلمة تضامن قادرة على تلخيص كل شيء: تضامن روحي بالصلاة، وتضامن انساني لمساعدة آلاف الجرحى. تجد العديد من العائلات نفسها دون مأوى، وإن هذه الكارثة تأتي لتزيد من الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان".

 

من ناحيته، أرسل حارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، من مقره في القدس، رسالة وجهها للرهبان داعيا إياهم الى الصلاة: "أدعوكم جميعاً للصلاة من أجل الموتى والجرحى وعائلاتهم. أدعوكم إلى الصلاة كي يبقى هذا المشهد مجرد حادث وألا يتحول إلى نزاع جديد. فليمنح أمير السلام ربنا يسوع المسيح، السلام للبنان، ولتحمي مريم العذراء، سيدة لبنان، أبنائها".


To support the Franciscans in Beirut CLICK HERE

 

 

Beatrice Guarrera